اليوم المزعوم (الفالنتين)

كعادتها .. أول ما تستيقظ كل صباح ..
تعانق عينايها الرزنامة ,,
تتأمل الأوراق التي شهدت أياما ً قد مضت ,, بحلوها ومرها ,,
وترتقب قدوم أيام ٍ جديدة ,, لا تعلم ما مصيرها ..
لكن اليوم ألفت الرزنامة على غير العادة ,,
تنحب قدوم يوم ٍ كـُـتِـب فيه بداية النهاية ..

قبل سنين ,,
وقبل أن يعانق قلبها الحنين ..
كان لقاء القدر ,,
بل كان لقاءًٌ يطوق معاني الغدر !!

هناك ,, في ميدان الحياة ,,
كانت تجلس وسط الناس وحيدة ..
تلهث خلف أحلامها البريئة ..
أهلها ,, علمها ,, دراستها ,, تفوقها ,,
كانوا أهم قضايا حياتها .. السعيدة !!

وسط صخب الحياة ..
جاءها من كان للحب يدعي ..
جاء من بدل أفكارها ,, ومضى لرضاها يبتغي ..
صار أولى هموم حياتها ,,
وربما أهمها .. فالقلب مال ..
وهام الفؤاد .. لا يفكر إلا فيمن سكن الخيال ..
كان أختفاء رسمه من فكرها أمر ٌ محال ..
شغل الوقت .. وشغل الفكر .. وحطـّـم ما بقى من آمال!!

ذات يوم .. قرر أن يتوج أغلى الأحلام ..
ويهدي تلك .. البائسة .. قلبا ً مرصعا ً بماس ٍ خام ..
ليعبر عن قلبه الذي أتقن دور العاشق الولهان ..

كانت أسعد الناس بما رأت ..
فحبيب القلب يبادلها الهيام ..
فها هو قادم ٌ .. وفي يديه زهرة ٌ حمراء ..
وعلبة ٌ مغلفة بورق هدايا أحمر ..
والدنيا ترقص خلفه .. رقصة حب ٍ غادر!!

نست كل شيء ..
وتذكرت أنه لولا حبه لما كان إليها قادم ..
ابتسمت له ..
وبادلها ابتسامتها ابتسامة ..
دليل ٌ على حبه .. الآثم!!

جرى إليه قلبها ..
وباتت تشكو له همها ..
وكم باتت وهو يشغل فكرها ..
وكم تمنت أن يكون سيد حلمها ..
وكم تتمنى أن تكون أميرته !!!


قدم لها هديته ..
دليل عشقه ومحبته ..
ومعها بطاقة كتب عليها ..
فارسك يحبك ولا يريد غيرك ِ .. رفيقة !!!!
وليتها كانت تفهمه ..
لتعلم أن قلبه سرق من الماس صلادته!!
وأنه كان للغدر سيده !!
وأنه جاءها .. لتكون أميرة ليلته !!
فهو مثل كل أولئك ..
لا يود أن يمر عيد العشاق دون عشيقة!!

همس لها بكل عبارات العشق .. الهيام .. الوله والشوق ..
وبادلته أكاذيبه .. مشاعرها الرقيقة ..
و أهدته حبا ً لا يعرف للخيانة حقيقة ..
فهو .. ممثل ٌ أتقن دوره ..
وهي فتاة ٌ ساذجة .. تحسب أن هذا هو الحب و هذا رحيقه!!

مضى يوم العشاق ..
وفيها مضى لها على عهود الحب ..
وأنه سيكون لها فارس الأحلام ..
وأنها ستكون له سيدة كل الأيام ..
و إن حبهم .. ليس مجرد وله ٌ وهيام ..
فهو حب سيتجاوز يوما ً لحظات اللقاء .. والناس نيام!!
وأنها تستحق أن يحبها إنسان !!

فعلا ً تستحق أن يحبها إنسان ..
ولكنه ليس منهم !!
وفعلا ً سيكون لها فارس الأحلام ..
فذاك من يأتي على حصان ٍ أبيض ..
لا يعلم عالم ٌ سوى عالم الأحلام!!!!

رحل يوم العشاق ,, أو عيد الحب كما يسمون ..
وفي طياته طعن ٌ بخنجر غدر ٍ مسموم!!
وبرحيله تلاشت كل العهود ..
فحبيب القلب .. لم يمضي تلك الليلة بدون محبوب ..
وسط أصدقائه أعلنها بكل وقاحة..
فلانة بنت فلان .. كانت رفيقتي في "يوم الفالنتين"!!
ليلفق لهم حكاياه ,, بأنه رجل ٌ تتمناه كل فتاة !!
وليثبت لهم بأنه حلم كل النساء ..
وأنه مازال يتقن لعبة الإغواء!!!

ذاع الخبر ..
ووصل لتلك الغافلة حديث .. عن أن حبيبها بها غدر ..
باتت تبكي .. تلعن لعبة القدر ..
وأنه ألصق بها عارا ً ليس لها منه مفر ..
وأنها كانت ضحية يوم ٍ .. هو للعشاق عيد ٌ ونحر !!
كانت تظن أنها بحبها عانقت هالات القمر ..
وأنها وأخيرا ً روت عطشها من ذاك النهر ..
لتعلم بأنها كانت ضحية ذئب ٍ .. أتقن دور البشر!!

بحثت بين الأغراض عن هديته .. ووردته ..
فتحت ذاك الغلاف الأشبه بقلب صاحبه ..
تناولت هديته ,, وتذكرت أمسيته ..
كم كانت ساذجة حتى صدقت تمثيليته!!
كم كانت غبيه .. حيث لم تفهم مآربه!!

كم تمنت أن تعود للوراء ..
لتمحي من يومها ذاك اللقاء ..
لتمحي من تاريخها أي ذكر ٍ لعيد .. غير الأسوياء ..
لتعود لحياتها .. المتألقة بالصفاء ..
ليعود لها أحلام ماقبل ذاك المساء ...
بأن تكون واحدة من أولئك .. العلماء !!!!


في ذكرى هذا التاريخ ..
كتبت فتاتنا قصتها ..
لتشهد العالم على حقائق هذا اليوم ...
وذيلت قصتها بهذه العبارات ...
14 / فبراير ...
آه ٍ يا عيد العشاق المزعوم ..
وآه ٍ يا يوم ٍ بالرحيل موسوم ..
وجدت لتشهد أولى لحظات الحب في ولادتك ...
وبرحيلك .. ينتهي كل مظهر ٍ .. مشؤوم!!
فلو كنت حقيقة ,, لكنت جزءا ً من شريعة رب الكون ..
لكنك وهم ٌ .. يحتفل به من هم خلف غرائزهم يلهثون !!
فليتك لم تكن .. أو ليتني لم أكن ممن به يعتقدون!!
وليتني لم أضلل يوما ً طريق المهتدين ....

إلى كل أخت .. وكل أخ .. وكل من تسول له نفسه العبث في مثل هذا اليوم ..
لتعلموا أنه عيد ٌ للوثنيين والنصارى واليهود ..
وأن الخالق سبحانه وضح لنا على لسان سيد البشر -عليه أفضل الصلاة والسلام-
بأننا لنا يومان نحتفل بهما ,, عيد الفطر وعيد الأضحى ..
وواتباع غيرهما من أعياد يعني الاعتقاد بحقائق موجودة في دياناتهم ..
قال الله تعالى: "ومن يبتغي غير الإسلام دينا ً فلن يقبل منه وهو في الآخرة لمن الخاسرين " صدق الله العظيم