ما هى القدوة الطيبة؟
الجمعة يونيو 19, 2009 2:52 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
القدوة اسم لمن يُقتدى به، فيقال: فلان قدوة إذا كان ممن يأتسي الناس خطاه, ويتبعون طريقته. والاقتداء هو طلب موافقة الغير في فعله, واتّباع شخصية تنتمي إلى القيم نفسها التي يؤمن بها المقتدي، وعادة ما يمثل شخص المقتدَى به قدراً من المثالية والرقي والسمو عند أتباعه ومحبيه, والقدوة تنطوي في داخلها على نوعٍ من الحب والإعجاب الذي يجعل المقتدِي يحاول أن يطبق كل ما يستطيع من أقوال وأفعال.
تعريف القدوة :
في اللغـة : - القدوة : يقال فلان قدوة إذا كان يقتدى بـه ، ولي بك قدوة . ومنها قوله : اقتدى به ، أي فعل مثل فعله تشبهاً به.(1)
- القدوة من التقدم ، يقال فلان لا يقاديه أحد ،ولا يباريه أحد ،ولا يجاريه أحد ، وذلك إذا تميز في الخلال كلها. (2)
أما في الاصطلاح :
( فالاقتداء هو طلب موافقة الغير في فعله ). ( 3)
والقدوة هي : الأسوة والعكس ، فالأسوة كما يقول القرطبي رحمه الله :(هو ما يتأسى به، أي يعتزي به فيقتدي به في جميع أحواله ). (4)
أهمية القدوة :
قال تعالى :{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}(5) ، وقال أيضاً عز وجل :{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}. (6)
ـ كان صلى الله عليه وسلم يدعو أصحابه إلى الصدقة فجاء رجل من الأنصار كادت كفه أن تعجز عنها ؛بل قد عجزت قال : ثم تتابع الناس، فتهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ كأنه مذهبة ثم قال صلى الله عليه وسلم : ( من سن في الإسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من يعمل بها إلى يوم القيامة ).(7)
أنواع القدوة :
القدوة نوعان :
1/ قدوة حسنة. 2/ قدوة سيئة .
يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي : ( الأسوة نوعان أسوة حسنة وأسوة سيئة ؛ فالأسوة الحسنة هي الرسول صلى الله عليه وسلم ومن نهج نهجه، وأما الأسوة بغيره إذا خالف ( أي خالف الرسول ) فهو الأسوة السيئة .
أصول القدوة :
إن أصول القدوة الصالحة التي يكون بها القائد ، قدوة طيبة لغيره ترجع إلى ثلاثة أصول هامة هي:
1/ الصلاح : ويتحقق بثلاثة أركان :
الإيمان ، والعبادة ، والإخلاص .
2/ حسن الخلق .
3/ موافقة العمل للقول قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } .(8)
فإذا تحققت هذه الأصول حسنت سيرة القائد، وأصبحت سيرته الطيبة دعوة صامتة إلى كل خلق إسلامي جميل ، وإن فاتته ساءت سيرته وصارت قيادته مثلاً سيئاً يُنَفّر الطيبين من حوله .
مجالات القدوة :
1/ القدوة في مجتمع البيت: قال صلى الله عليه وسلم : {كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصراه ، أو يمجسانه ، كمثل البهيمة تنتج البهيمة ، هل ترى فيها جدعاء }. (9)
طريقة الأنبياء عليهم السلام في تربية أبنائهم :
- يعقوب عليه السلام يسأل بنيه : قال تعالى :{ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (10)، قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله : {ولما كان اليهود يزعمون أنهم على ملة إبراهيم, ومن بعده يعقوب, قال تعالى منكرا عليهم: ( أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ ) أي: حضورا ( إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ ) أي: مقدماته وأسبابه، فقال لبنيه على وجه الاختبار, ولتقر عينه في حياته بامتثالهم ما وصاهم به: ( مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي ) ؟ فأجابوه بما قرت به عينه فقالوا: ( نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا ) فلا نشرك به شيئا, ولا نعدل به أحدا، ( وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) فجمعوا بين التوحيد والعمل.
ومن المعلوم أنهم لم يحضروا يعقوب؛ لأنهم لم يوجدوا بعد، فإذا لم يحضروا, فقد أخبر الله عنه أنه وصى بنيه بالحنيفية, لا باليهودية}. (11)
- موعظة لقمان لابنه : قال تعالى :{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} . ﴿12﴾
2/ من مجالات القدوة للوالدين :
1- غرس مراقبة الله في نفس الطفل .
2- الأمر بالصلاة والحث عليها ، وكذلك النوافل .
3- الاحترام والتقدير.
4- صلة الرحم .
5- الصدقة والبر.
6- الحب ، والعطف، والرفق: عن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال: صدق الله ورسوله :{ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ }(13) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما . (14)
7- الحرص على تحفيظهم القرآن الكريم والأذكار : قال تعالى :{الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. (15)
8- البعد عن كبائر الأمور، وسفاسفها .
9- ومما ينبغي الاهتمام به الدعاء لقوله تعالى : {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } .(16)
أخطاء في اهتمامات القدوة :
1 - التربية على المهم وترك الأهم .
2- التربية على إيثار الدنيا وإهمال الآخرة : قال عبدالله بن عمر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كلكم راع ومسؤول عن رعيته ، والإمام راع ومسؤول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها ، والخادم في مال سيده راع ومسؤول عن رعيته ) . قال : وحسبت أن قد قال :( والرجل راع في مال أبيه ) (17) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره ، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة } . (18)
من وسائل التأثير للقائد :
1- حث المقتدي على العلم وترغيبه فيه .
2- حسن المظهر.
3- الدعوة للعمل الصالح، والعمل به .
يقول الشافعي موصياً مؤدبَ أولاد الخليفة الرشيد :{ ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح أولاد أمير المؤمنين إصلاح نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينيك، فالحسن عندهم ما استحسنته ، والقبيح عندهم ما تكرهه } .
4- الرفق واللين : قال صلى الله عليه وسلم : ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم ، فاشقق عليه ، ومن ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم ، فارفق به ) . (19)
5- التواضع وعدم التكبير : قال صلى الله عليه وسلم :{وإن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ، ولا يبغي أحد على أحد }.(20)
6- مطابقة القول العمل ، قال تعالى : { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}. (21)
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم :يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار ، فتندلق أقتابه في النار ، فيدور كما يدور الحمار برحاه ، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون : أي فلان ما شأنك ؟ أليس كنت تأمرننا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟ قال : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن المنكر وآتيه . (22)
فوائد القدوة الحسنة :
1-المثال الحي المرتقي في درجات الكمال .
2- تعطي للآخرين قناعة بأن بلوغ الفضائل من الأمور الممكنة .
3- سبب لطرد العجز والكسل .
مضار القدوة الحسنة :
1ـ تحفيز الناس للعمل السيئ ؛ لذا حرم الشرع المجاهرة بالمعاصي ؛ لأنها تؤدي إلى كثرة القدوات السيئة .
2ـ جعل حد القذف حتى لا يكثر الحديث بالتهم بإشاعة الفاحشة .
3ـ وأمر الشرع المصرين على المعصية أن يتستروا .
القدوة اسم لمن يُقتدى به، فيقال: فلان قدوة إذا كان ممن يأتسي الناس خطاه, ويتبعون طريقته. والاقتداء هو طلب موافقة الغير في فعله, واتّباع شخصية تنتمي إلى القيم نفسها التي يؤمن بها المقتدي، وعادة ما يمثل شخص المقتدَى به قدراً من المثالية والرقي والسمو عند أتباعه ومحبيه, والقدوة تنطوي في داخلها على نوعٍ من الحب والإعجاب الذي يجعل المقتدِي يحاول أن يطبق كل ما يستطيع من أقوال وأفعال.
تعريف القدوة :
في اللغـة : - القدوة : يقال فلان قدوة إذا كان يقتدى بـه ، ولي بك قدوة . ومنها قوله : اقتدى به ، أي فعل مثل فعله تشبهاً به.(1)
- القدوة من التقدم ، يقال فلان لا يقاديه أحد ،ولا يباريه أحد ،ولا يجاريه أحد ، وذلك إذا تميز في الخلال كلها. (2)
أما في الاصطلاح :
( فالاقتداء هو طلب موافقة الغير في فعله ). ( 3)
والقدوة هي : الأسوة والعكس ، فالأسوة كما يقول القرطبي رحمه الله :(هو ما يتأسى به، أي يعتزي به فيقتدي به في جميع أحواله ). (4)
أهمية القدوة :
قال تعالى :{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}(5) ، وقال أيضاً عز وجل :{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}. (6)
ـ كان صلى الله عليه وسلم يدعو أصحابه إلى الصدقة فجاء رجل من الأنصار كادت كفه أن تعجز عنها ؛بل قد عجزت قال : ثم تتابع الناس، فتهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ كأنه مذهبة ثم قال صلى الله عليه وسلم : ( من سن في الإسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من يعمل بها إلى يوم القيامة ).(7)
أنواع القدوة :
القدوة نوعان :
1/ قدوة حسنة. 2/ قدوة سيئة .
يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي : ( الأسوة نوعان أسوة حسنة وأسوة سيئة ؛ فالأسوة الحسنة هي الرسول صلى الله عليه وسلم ومن نهج نهجه، وأما الأسوة بغيره إذا خالف ( أي خالف الرسول ) فهو الأسوة السيئة .
أصول القدوة :
إن أصول القدوة الصالحة التي يكون بها القائد ، قدوة طيبة لغيره ترجع إلى ثلاثة أصول هامة هي:
1/ الصلاح : ويتحقق بثلاثة أركان :
الإيمان ، والعبادة ، والإخلاص .
2/ حسن الخلق .
3/ موافقة العمل للقول قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } .(8)
فإذا تحققت هذه الأصول حسنت سيرة القائد، وأصبحت سيرته الطيبة دعوة صامتة إلى كل خلق إسلامي جميل ، وإن فاتته ساءت سيرته وصارت قيادته مثلاً سيئاً يُنَفّر الطيبين من حوله .
مجالات القدوة :
1/ القدوة في مجتمع البيت: قال صلى الله عليه وسلم : {كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصراه ، أو يمجسانه ، كمثل البهيمة تنتج البهيمة ، هل ترى فيها جدعاء }. (9)
طريقة الأنبياء عليهم السلام في تربية أبنائهم :
- يعقوب عليه السلام يسأل بنيه : قال تعالى :{ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (10)، قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله : {ولما كان اليهود يزعمون أنهم على ملة إبراهيم, ومن بعده يعقوب, قال تعالى منكرا عليهم: ( أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ ) أي: حضورا ( إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ ) أي: مقدماته وأسبابه، فقال لبنيه على وجه الاختبار, ولتقر عينه في حياته بامتثالهم ما وصاهم به: ( مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي ) ؟ فأجابوه بما قرت به عينه فقالوا: ( نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا ) فلا نشرك به شيئا, ولا نعدل به أحدا، ( وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) فجمعوا بين التوحيد والعمل.
ومن المعلوم أنهم لم يحضروا يعقوب؛ لأنهم لم يوجدوا بعد، فإذا لم يحضروا, فقد أخبر الله عنه أنه وصى بنيه بالحنيفية, لا باليهودية}. (11)
- موعظة لقمان لابنه : قال تعالى :{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} . ﴿12﴾
2/ من مجالات القدوة للوالدين :
1- غرس مراقبة الله في نفس الطفل .
2- الأمر بالصلاة والحث عليها ، وكذلك النوافل .
3- الاحترام والتقدير.
4- صلة الرحم .
5- الصدقة والبر.
6- الحب ، والعطف، والرفق: عن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال: صدق الله ورسوله :{ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ }(13) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما . (14)
7- الحرص على تحفيظهم القرآن الكريم والأذكار : قال تعالى :{الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. (15)
8- البعد عن كبائر الأمور، وسفاسفها .
9- ومما ينبغي الاهتمام به الدعاء لقوله تعالى : {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } .(16)
أخطاء في اهتمامات القدوة :
1 - التربية على المهم وترك الأهم .
2- التربية على إيثار الدنيا وإهمال الآخرة : قال عبدالله بن عمر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كلكم راع ومسؤول عن رعيته ، والإمام راع ومسؤول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها ، والخادم في مال سيده راع ومسؤول عن رعيته ) . قال : وحسبت أن قد قال :( والرجل راع في مال أبيه ) (17) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره ، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة } . (18)
من وسائل التأثير للقائد :
1- حث المقتدي على العلم وترغيبه فيه .
2- حسن المظهر.
3- الدعوة للعمل الصالح، والعمل به .
يقول الشافعي موصياً مؤدبَ أولاد الخليفة الرشيد :{ ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح أولاد أمير المؤمنين إصلاح نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينيك، فالحسن عندهم ما استحسنته ، والقبيح عندهم ما تكرهه } .
4- الرفق واللين : قال صلى الله عليه وسلم : ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم ، فاشقق عليه ، ومن ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم ، فارفق به ) . (19)
5- التواضع وعدم التكبير : قال صلى الله عليه وسلم :{وإن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ، ولا يبغي أحد على أحد }.(20)
6- مطابقة القول العمل ، قال تعالى : { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}. (21)
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم :يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار ، فتندلق أقتابه في النار ، فيدور كما يدور الحمار برحاه ، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون : أي فلان ما شأنك ؟ أليس كنت تأمرننا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟ قال : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن المنكر وآتيه . (22)
فوائد القدوة الحسنة :
1-المثال الحي المرتقي في درجات الكمال .
2- تعطي للآخرين قناعة بأن بلوغ الفضائل من الأمور الممكنة .
3- سبب لطرد العجز والكسل .
مضار القدوة الحسنة :
1ـ تحفيز الناس للعمل السيئ ؛ لذا حرم الشرع المجاهرة بالمعاصي ؛ لأنها تؤدي إلى كثرة القدوات السيئة .
2ـ جعل حد القذف حتى لا يكثر الحديث بالتهم بإشاعة الفاحشة .
3ـ وأمر الشرع المصرين على المعصية أن يتستروا .
- اكرمنائب المدير
- الجنس :
عدد الرسائل : 2661
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 23/05/2009
رد: ما هى القدوة الطيبة؟
الجمعة يونيو 19, 2009 3:15 pm
تسلم اناملك اخي ميثم
موضوع اكثر من رائع
تقبلني هنا بكل الود والاحترام لك اخي
موضوع اكثر من رائع
تقبلني هنا بكل الود والاحترام لك اخي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى